الخميس، 15 مارس 2012

خواطر في سنة ادمتني كثيرا 3

لم يتغيّر شيئ سوى أنني حملت محابر القلب والدم هذه المرة، وليس محابر الدمع لأكتب عن عام رحل.

لم يتغير شيء عن الأحزان التي أجمعها في نهاية كل سنة في قارورة خواطر، سوى أن مرارة الفراق وألم الرحيل جاء فوق العادة التي ألفتها تجرح وتداوي.

مرارة قتلتني وأصابتني في الصميم دفعة واحدة، لهذا اقول عن السنة الكابوس البائدة بأنها ادمتني لا أبكتني .. رحيلٌ قتّال غيّر معالم الأيام وبعثر الذكرى وبدّل عنوان البكاء الذي ظننته سيبقى ملازما للخواطر، واذ بالدم يقحم نفسه في سطور عتابي مع العام الراحل، الدم الذي أشعر بجفافه في عروقي منذ أسمعني الزمان أسوأ خبر وسلخ من دمي وقلبي رفيق العمر والطفولة والشباب والايام الحلوة ومنذ ماتت حكايات الشتاء برحيل ناثرة الدفء والأمان في صور الطفولة والذكريات، جدتي التي ذقت برحيلها طعم اليتم لأول مرة لأعود وأتذوق طعم حرقة العمر بعد عبور حفنة من أيام العمر.

سنة يخبرونني بأنها بدأت بائسة وهزيلة وسوداء لكنني لم التفت لها ولم أعرها قطرة حبر الى ان جاء أوان الرحيل غادرًا صفاء زرقة الصيف المذبوح فكان الرحيلان المران وكانت المرارة التي انسكبت على دفتر الخواطر الحزين وستبقى تكسو كل الكلام المقبل على هيئة دموع مشتاق وعلى هيئة ناي دخيل في جوقة فرح تنشد اوتاره أنين الحنين الى من رحلوا .
سنة علّمتني أن أتعلق بالأحباء أكثر أن أسأل عن الجميع أكثر وأن لا أرد طالب لقاء .. لأن الساكنين فيَّ يوم رحلوا لم يقولوا الى اللقاء ولم يصافحوني آخر سلام أغلقوا عيونهم قبل ان يتجرأ اللسان أن يسأل في حضرة القدر عن أسباب السقم الذي ابتاع اكفانهم السمحاء وحملهم الى دنيا الحق.

سنة أبكتني وأدمتني وسحقت جسدي وقامتي قبل أن تذكرني وأنا أخط هذا الخواطر بأن السنين المقبلة ومهما بدلّت مساحيق تجميلها ستبقى بدون الأحبة أحزانًا مستعادة لا بدّ فيها من مواسم تحوم فيها الأشواق على شظايا طيف الغائبين كما الفراشات
على الوان الربيع وكما النحلات في موسم الرحيق !

عمر الفاروق النخال
نهاية 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق