الاثنين، 13 يونيو 2011

ولادة الحكومة .. ومكتوب المواجهة !!

ولادة الحكومة .. ومكتوب المواجهة!! │ بقلم: عمر الفاروق النخال*



أمّا وقد اتصل الرئيس السوري بشار الأسد برئيس الجمهورية ميشال سليمان مهنئا بولادة الحكومة الميقاتية الثانية بعد انقضاء نحو 5 أشهر على تكليفه بعد اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري, فإن مكتوب المواجهة بات يُقرأ من عنوانه ليس لأن هذا الاتصال عبارة عن مهر مراسيم التشكيل بالختم السوري فحسب, بل لأنه يأتي في وقت بيدو فيه النظام السوري عاجزا عن العبور الى ضفة الاصلاح من جسر الشغور, فكيف اذا من خلال الملف اللبناني المتلازم مع حراك النظام في كل شاردة وواردة من خلال قنوات وشخصيات كانت للمفارقة أول من ابدت امتعاضها من ولادة هذه التشكيلة وللأمر ظروف وأسباب الأيام السياسية المقبلة كفيلة بالاجابة عنها.



وعندما نتحدث عن المواجهة, فاننا بكل تأكيد لا نقصد التصرف الانقلابي الذي حرصت قوى 8آذار على ممارسته منذ اللحظة الأولى لاسقاطها حكومة الرئيس سعد الحريري, بل نقصد باب المواجهة مع العالم الذي اختارت سوريا فتحه واسعا متخطية ارادة اللبنانيين كالعادة, لغض نظر المجتمع الدولي عن سياسة الأرض المحروقة القائمة حاليا في سوريا وعلى مسافة قريبة جدا من استحقاقات داهمة يتقدمها القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي صممت له هذه الحكومة الفوضوية لتكون على مستوى الديماغوجية التي ستثيرها لحظة صدور هكذا قرار, بالاضافة طبعا الى الرغبة السورية باهداء فريقها في لبنان شيئا من التعويض المعنوي بعد ما يقارب السنة على فشلها السياسي في أكثر من محطة واستحقاق آخرها مخاض تشكيل الحكومة الذي تخلله سقوط نظامين سياسيين واندلاع انتفاضات متنقلة في طول العالم العربي وعرضه دون حدوث اي تطور في الملف الحكومي اللبناني .



في المحصلة ولدت حكومة المواجهة التي لن تكون مهمتها مواجهة القرار الاتهامي المزمع صدوره وكل طروحات ومشاريع قوى 14 آذار, بل تعميم المواجهة في النسيج اللبناني مناطقيا من خلال حصة السبع التي نالتها طرابلس عبر هذه التشكيلة, والنقاش هنا ليس على حصة الفيحاء التي نحب ونعز بل على مكافأة هذه المدينة العزيزة بالحصة الوزارية الكبرى في عز انقسامها السياسي على نحو بدت فيه اللائحة الطرابلسية أشبه بالمحرقة الجماعية التي راح ضحية نيرانها الرئيس ميقاتي في المقدمة والوزير الصفدي والنائب أحمد كرامي وفيصل عمر كرامي بعدما عمد حزب الله الى احراق اسم والده الرئيس عمر كرامي في اول لحظات تخبطه أمام ورطة اسقاطه حكومة الرئيس سعد الحريري.



ولن تنتهي تداعيات المواجهة مناطقيا, بل ستتغلغل طائفيا من خلال التحسس الدرزي الذي أسس اليه موقف رئيس الحزب الديمقراطي النائب الأمير طلال ارسلان الذي رد على تحجيمه بحقيبة دولة باستخدام أفظع الألفاظ والصفات بحق الرئيس نجيب ميقاتي دون صدور اي موقف عن أوساط رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط يطيب الخاطر, هذا بالاضافة الى التحسس السني من خلال الحصة الطرابلسية الكبيره على حساب العاصمة بيروت وعلى حساب ما يعرف بسنة المعارضة وما تحركات انصار الوزير السابق عبد الرحيم مراد في البقاع احتجاجا على عدم توزيره الا دليلا على ما نقول, أضف الى ذلك الغبن الذي سببه لنفسه رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال ترجيح الكفة الوزارية الشيعية لحزب الله وهو أمر لن يمر في أوساط حركة أمل بردًا وسلاما انطلاقا من محطات كثيرة قدمت خلالها الحركة العديد من التنازلات, هذا بالاضافة اخيرا الى تقدم عدد الوزراء السنة على الشيعة في خطوة أرادها حزب الله "حبة مسك" تضاف الى تملقه في عملية التشكيل واذ بها تنذر بسجال طائفي كبير قد يتفجر في الساعات المقبلة.. فمن يضمن على سبيل المثال ان لا تتحول حبة المسك الى جميل ثقيل ستتحمله الطائفة السنية الرافضة أغلبيتها لهذه التوليفة الحكومية من حيث الأسماء والاخراج؟؟ .



اذًا عيوب خلقية كثيرة تعتري جسد المولود الحكومي المنهك تسويفا أكثر منه عملا, ومعه صار صعبا على المراقب اللبناني تقبل شعار كلنا للوطن وكلنا للعمل الذي اختاره الرئيس نجيب ميقاتي شعارا لحكومته الذي كان يمكن هضمه لو ان الرئيس ميقاتي قلب الطاولة بوجه الجميع وشكل الحكومة التي تتلاءم مع مناقبيته السياسية بدلا من اختياره الانتحار السياسي دفعة واحدة!!



كان يمكن بالقليل من الحكمة ان يتبادل اللبنانيون التهاني بولادة الحكومة بعد خمسة أشهر ضاغطة وعلى أبواب صيف بلا روّاد, الا ان الرئيس نجيب ميقاتي الذي أودِع ثقافة الفراغ أهدى اللبنانيين مكتوب المواجهة !!!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق