8 آذار: للفشل السياسي عنوان!
لم يعرف اللبنانيون الذين عاشوا لحظة ولادة قوى 8 آذار في أصعب اللحظات السياسية وأحرجها على مسافة ايام قليلة من جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري أن هذه الحالة التي تفجرت شعارات شاكرة للنظام السوري في ساحة رياض الصلح قبل خروج قواته العسكرية والمخابراتية من لبنان ستنسحب على طرح وحراك سياسي معين ذلك ان هذا الفريق صمم شعاراته على قياس مهرجانه الحاشد آنذاك وعلى قياس الساحة التي استضافته ليس الاّ دون النظر الى ما بعد انتهائه والى ما قد يفرزه الانسحاب السوري من لبنان من معطيات جديدة.
6 سنوات مضت على قيام هذه القوى, وقت أكثر من كاف للحكم على فشلها السياسي بكل المعايير والمقاييس ليس من رغبة سجالية ولكن انطلاقا من محطات واستحقاقات تعامى هذا الفريق عن اطارها وعنوانها السياسي وخاضها بالعناوين المكابرة والنبرة المتوترة والسلوك الديماغوجي والحملات الدونكيشوتية ما أوصله الى المفترق الوعر حيث لا ينفع ندم ولا مراجعة.
الفشل السياسي لقوى 8 آذار والذي سنناقش فصوله في هذه السطور نعني به خساراته للمواجهات الديمقراطية والسلمية وليس الجولات الانقلابية التي انتعزت اما قضما أو خلافا والتفافا على اصول العمل السياسي أو حتى عبر السلاح الذي صوب الى صدور اللبنانيين غير مرة مكرسا انتصارات مؤقتة تبين في لحظة الحقيقة انها غير قابلة للصرف.
نظرا للحالة السياسة والشعبية التي نشأت عقب جريمة 14 شباط 2005 لن نتحدث عن فشل موصوف مارسته قوى 8 آذار آنذاك بل عن تعثر كان كفيلا باجهاض هالة هذه القوى في مهدها عندما لم تنجح رغم الصورة الجماهيرية التي رسمتها في ساحة رياض الصلح في التأثير على القرار السوري الرسمي بالانسحاب عسكريا ومخابراتيا من لبنان وفي اعادة الرئيس عمر كرامي الى رئاسة الحكومة الذي سقط بمجرد انعقاد المجلس النيابي تحت ضغط كلمات النواب وهتافات مئات الغاضبين في ساحة الشهداء لا حتى من خلال استشارات نيابية ثانية انتهت باعتذار كرامي وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي الذي أشرف على انتخابات نيابية جاءت نتائجها محسومة للفريق الآخر وفي مشهد بقي فيه حزب الله وحركة أمل وغاب الفريق السوري بشكل كامل.
الخيار الجماهري وحشد الشارع كررته هذه القوى عام 2006 مستفيدة هذه المرة من انضمام النفس المسيحي المتمثل بانقلاب النائب ميشال عون على خيارته السيادية والاستقلالية وانضمامه الى قوى 8 آذار في ضوء ورقة التفاهم الشهيرة حيث مكثت معه أكثر من سنة في ساحتي رياض الصلح والدباس تطالب باسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الذي نجح في تلك الفترة في انجاح مؤتمر باريس 3 على وقع التوترات والاشكالات المفتعلة ليعود وينجح بالعودة الى السراي رئيسا مكلفا رغم أحداث السابع من ايار في مقابل فشل 8 آذار بايصال نفسها المسيحي العماد ميشال عون الى سدة رئاسة الجمهورية.
وحدها الانتخابات النيابية صيف العام 2009 استرعت انتباه هذه القوى الى وجود خطر داهم من شانه الاطاحة بما تبقى لها من وجود فبدلا من خوضها بالمعايير السياسية والحكمة والتخطيط اختارت الطريق السهل معلنة فوزها وانتصارها من قبل أن تفتح صناديق الاقتراع لتعود وتتفاجئ ليل السابع من حزيران 2009 بصفعة جديدة اعادتها أقلية امام أكثرية واضحة للفريق الآخر.
الانتصار الوحيد الذي يسجل لقوى 8 آذار هو نجاحها في ازاحة الرئيس سعد الحريري عن رئاسة الحكومة والمؤسف هنا ان نشوة الانتصار هذه لم تكتمل ولم تدرك موجة الفشل التي هدمت كل مساعيها وعرت صورة ارباكها وعجزها بدليل الحكومة الميقاتية المتعثرة حتى هذه السطور رغم تخفيف ظروف ولادتها من حكومة انتقام سياسي الى حكومة تحدي!
محطات واستحقاقات تؤكد الفشل السياسي لقوى 8 آذار فيما انتصارها الوحيد يؤكد هشاشتها على نحو لا يدعو الى الاستغراب من اسلوبها المكابر فحسب بل لاطلاق اسئلة معاكسة لنتائج هذه الاستحقاقات والتي لو كانت تحققت لأظهرت لبنان برمته دولة فاشلة عاجزة!!
قبل ايام فاجأ الرئيس نبيه بري الراي العام اللبناني باعلانه نهاية 8 آذار والاستعاضة عن هذه التسمية بالجبهة الوطنية, خطوة متأخرة جدا لكنها ليست ناقصة, خطوة ايقظها الارباك واسعفها التحول الجنبلاطي, خطوة تستشرف محطات داهمة لكنها لا تلغي اطلاقا 6 سنوات حرقت من عمر الوطن واستحقاقات كانت فيها 8 آذار للفشل السياسي عنوان!!
عمر الفاروق النخال
إعلامي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق