السبت، 26 فبراير 2011

ثورة اللوتس: بمثابة التقييم

ثــورة اللــوتـــس: بـــمثـابــة التــقـــييـم

قد يكون من المبكر لا بل من السفسطة السياسية الحديث أو التنبؤ بما سيرسو عليه المستقبل السياسي في مصر بعد نجاح ثورة الشباب في اطاحة نظام حسني مبارك الثلاثيني ودفعه للهروب الى شرم الشيخ رئيسا مخلوعا ليس لأن ميدان التحرير يستعيد بين فترة واخرى ملايينه المطالبه باسقاط وديعة النظام أحمد شفيق وتشكيل حكومة انتقالية مدنية لحين تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وليس لأن نجاح الثورة واكبه سيل من المواقف الأميركية المتملقة والمنظرة بالانتقال السلمي للسلطة وليس لولوج اعتقاد أولي بأن على أي نظام حكم جديد في مصر أن يأتي على صورة فسيفساء ميدان التحرير الذي وحّد المصريين مسلمين واقباطا اسلاميين ويساريين بل لأن الاطلالة على المشهد المصري وسط العواصف الجماهيرية المتلاحقة في ليبيا والبحرين واليمن والأردن والجزائر وحتى العراق لم تعد اطلالة سياسية بقدر ما تحولت تقييمية تحتم مزج ومقاربة آراء كل فئات الثورة حول مفاصلها وما واكبها من مواقف غربية وعربية وايرانية استهدفت جميعها خطف المولود الجديد من مهده وتحتم كذلك أخذ آرائهم حول كسرة الخبز أولا مرورا بالأوضاع الاجتماعية والمعيشية وصولا الى ما يتصل بالحياة السياسية لمرحلة ما بعد مبارك.

القراءة التقييمية لثورة اللوتس لا تعني احباط الشباب المصري الذي رواها بعرقه واعصابه ودمه بل تنبع من ضرورة الحفاظ على الصورة المنهجية والحضارية للثورة التي تخطو حتى هذه السطور مسارا أكثر من متقدم لصالحها فالنظام البائد الذي حاول ذبحها بالقطنة فوجئ بارادتها وباصرارها على الحياة وهي اي الثورة خيبت آمال كل المشككين وفاجأت العالم بانتاج لحظة انتصار سياسي عظيم أربكت الدوائر الغربية والأميركية وأظهرتها عاجزة حتى عن القراءة لما يحصل من مجريات وهذا ما هو مطلوب اليوم كي لا يكون المستقبل السياسي المصري منة من أحد أو انجازا تتفنن في ضوئه هيلاري كلينتون باطلاق تسميات عليه وينكب الايراني ينعش من خلاله ثورته الصورية المجمّدة منذ عقود أو فرصة لبعض العرب لاطلاق سمومه والأوصاف الهدامة على الثورة منعا لترجمتها في بلاده.

المطلوب من الثورة المصرية اليوم وأكثر من اي وقت مضى أن ترسم الوجه السياسي لمصر ليس بمشهد جمعة الغضب او الرحيل أو الشهداء وانما بمشهد جمعة النصر الذي وان قالت الثورة من خلاله شيء فهو انها نجحت باقناع كل من في قلبه ذرة شك بوطنية هذه الثورة وبنسيجها الجامع فكيف اذًا الدوائر الغربية الأميركية التي خسرت أوراقها وتعكف اليوم على ايجاد ثغرة واحدة لتعود وتتسلل مهندسة الاصلاح السياسي المصري؟؟!!
المطلوب ليس تصدير الثورة لشعار الشعب يريد اسقاط النظام الى كل ركن وزاوية من بلادنا العربية الغارقة بظلام الفساد والظلم والقهر بل تصدير المبدأ والمنهجية على نحو لا يحوّل الدوائر الغربية اياها الى عدّاد للبلاد التي اجتاحها هذا الشعار بل الى قاعات للنقد والجلد الذاتي بفهم وادراك معاني التحول العربي في التفكير قبل الممارسة والتعبير.

المطلوب أن تظهر الثورة المصرية ان مصر هي المرحلة الممتدة منذ مساء الجمعة 11 شباط 2011 وليس ما قبل هذا التاريخ مع ما يعنيه ذلك ان يتحول كل مصري شارك في انجاز الثورة الى مرصد لكل تفصيل من شأنه الاساءة لها ولمسارها ولحاضرها ومستقبلها والدفاع عنها بالوسائل الحوارية والسلمية نفسها التي استخدمت في صياغة الثورة وهندستها والتي من المفترض استخدامها لصياغة المستقبل السياسي لها وبالتالي لكل مصر.

هذا لا يعني أن المشوار طويل ولكنه شائك لأن العملية عبارة عن مواءمة بين نشوة انتصار محقة وعبور اكثر من ضروري لتبقى الثورة هي أرضية ومشهد وصورة ومدماك المشهد السياسي المصري المرتقب.

بالأمس أثبتت مصر انها على قدر ثورتها .. وغدا ستعلن لكل من يهمه الأمر بانه يليق بها النصر وكذلك المستقبل السياسي.

الأمل في ذلك كبير॥ والثقة بوعي المصريين أكبر!!


عمر الفاروق النخال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق