السبت، 15 يناير 2011

ثورة الياسمين بين الترياق الأميركي والسلوى الايرانية وسموم العرب!!


لم يتصور أحد أن يأخذ مسار ثورة الياسمين في تونس هذه الدراماتيكية, لم يتصور أحد ان الأمل ما يزال معقودا على الشعوب المسحوقة المقهورة رغم العناوين الاستسلامية ومفاهيم الخضوع والخنوع التي ما انفكت الدوائر الغربية تضخها في الجسم العربي, حاصدة من قادته التمسحة والغطرسة والنوم السرمدي على وسائد السلاطين, فيما الشعب بفترش أحزانه ويتلحف هم لقمته.

زين العابدين بن علي, ديكتاتور آخر تسقطه مطرقة الشعب بعنوان اللقمة ,لا الطائفية البغيضة, ولا السياسة الشائكة وهي أسباب كافية ليقف كل العالم وقفة اجلال لهذا الشعب الذي شكلت ثورته علامة فارقة لا يعتريها دعم خارجي ولا دولي بدليل المواقف الأميركية المتملقة المواكبة لساعات الحسم التي اطاحت بـ بن علي ودفعته لمغادرة تونس رئيسا مخلوعا.

هذه الثورة التاريخية, وبقدر الارتياح الذي تركته في نفس كل مؤمن بأن الليل العربي لن يطول الا انها ترسم ملامح قلق كبيرة في الأفق بدأت تلوح من خلال المواقف الغربية اياها التي لا تتبلور الا عند جهوزية المسرح الثوري لتستثمر النتائخ وتطل على العالم راعية الحريات والسلام والتجربة ماثلة على ذلك في التجربة اللبنانية.

ففي حين كان شباب وشابات لبنان المنضوين في قوى 14 آذار يهتفون ضد حكومة الرئيس عمر كرامي عقب جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري عام 2005, كان السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان آنذاك يجتمع بقادة هذه القوى لابلاغهم بأن قضيتهم ليست على الأجندة الأميركية ولدعوتهم بالتالي للتفاوض مع حكومة الرئيس عمر كرامي, وما هي الا ساعات قليلة حتى سقطت الحكومة اللبنانية لتعقب الخطوة مرحلة الانسحاب العسكري والمخابراتي السوري. عندها فقط نشط الحراك الأميركي على دعم خط قوى 14 آذار وصولا الى الانتخابات البرلمانية في حزيران 2009 حيث حذت الولايات المتحدة الأميركية حذو كل لبناني تأثر بالعاصفة السياسية التي شنها فريق المعارضة والتي أبدى فيها جزمه باطاحة 14 آذار فما كان منها الا الانكفاء عن هذا الخيار وتحول المشهد من محاسبة سوريا الى الانفتاح عليها.

وما يثير القلق من اندثار ثورة الياسمين, هو الشطح العربي الذي أطل برأسه من عاصمة الجنون السياسي طرابلس الغرب عبر موقف الرئيس الليبي معمر القذافي الذي دعا التونسيين الى اتخاذ الجماهيرية نظاما سياسيا لهم معتبرا ان الدم الذي سقط سقط على اللاشيء بدلا من تثمين الثورة ومباركتها وسط الصمت المطبق الذي أصاب القادة العرب خشية تسرب المشهد التحرري الى بلدانهم المدرجة بدورها على أجندة ثورة الجوع والرغيف طال الزمان أم قصر.

الصمت العربي وتداعياته السوداوية على مشهد الثورة ,لا يقل أهمية عن الصمت الايراني اللاعب الاقليمي المشاكس في كل استحقاق وهذا ما يجب ان يدعو التونسيين للتنبه ألف مرة من سياسية الثقوب التي لطالما انتهجتها طهران في التسلسل الى قضايا العالم العربي بدءًا من فيالق القتل في العراق وصولا الى الحوثيين في اليمن الى ما هنالك من خروقات.

هذه المقاربة البسيطة أعلاه لسيت الا من باب الخشية ان تذوب ثورة مجيدة أخرى في غياهب المجهول وان تحرق نيران القلاقل الياسمين ويعود الامر الى المربع الأول من الظلم المخلوع.

فإلى تونس الحرة التي كثر ذباحها: حذار السلوى الايراني والترياق الاميركي وسموم بعض العرب !!

عمر الفاروق النخال









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق