لافتا كان هدوء النائب العماد ميشال عون خلال اعلانه نهاية المبادرة السورية-السعودية دون أي نتيجة من منبره البرتقالي الذي عاد وزراء المعارضة وأطلوا من خلاله معلنين استقالتهم من الحكومة فالرجل عوّد اللبنانين منذ اختار النكد السياسي وجبة أسبوعية ويومية احيانا ان يجعل من كل حبة قبة ومن كل فنجان عاصفة فكيف مع موقف هو ذروة الانهيار الدراماتيكي للتسوية وللمشهد السياسي برمته؟!
للمرة الأولى بدا العماد ميشال عون وكأنه أمام مسؤولية تتعدى رمزية اعلان موقف المعارضة من دارته الى مسؤولية كان عليه التريث الف مرة قبل تحملها ذلك ان الواجهة التي اعتاد عون لعب دورها بأبخث الاثمان السياسية وأحيانا من جيبه لم يكن موفقا في ادائها هذه المرة لان التجربة علمته غير مرّة بأن اللحظة السياسية التي يوفرها له حزب الله للردح والهيستيريا السياسية انما هي فرصة لن تعوّض او مقدمة لصفعة جديدة على وجنتي التيار البرتقالي الذي ما تزال صفعة ضياع الرئاسة الاولى وصفعة الخسارات المتتالية في الوسط المسيحي ظاهرة لكل متابع ومراقب.
صحيح ان الرئيس سعد الحريري واعتبارا من بعد ظهر اليوم صار رئيسا سابقا للحكومة ولكن ببساطة ليس هذا ما يريده العماد ميشال عون, هو طبعا يريد التشفي ويريد الانتصار السياسي وينتظر اليوم الذي يرى فيه انكسارا يعترض مسار خصومه ولكن ليس بهذا الاخراج الهابط ولا بهذا التوقيت الميت ولا بهذه الطريقة المزعجة والمستفزة لنرجسية الجنرال التي اقتادها حزب الله الى الضاحية في اكثر من استحقاق لتكون اللمسة المسيحية على خيارات الحزب والسيد حسن نصر الله فكم يؤلمه اليوم ان يحل الخراب الوطني من دارته دون لمسة أو اشارة من السيد نصر الله نفسه!!
مشهد اعلان وزراء المعارضة استقالتهم من الرابية كان ينقسه الرقي لينسجم على الاقل مع التهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور التي ملأ فيها عون الدنيا ضجيجا وليكون مسرح الانتصار السياسي الذي جهد الجنرال يرتبه منذ عودته من المنفى جاهزا ولكنه جاء باهتا ببطل بلا حيثية هو صهره جبران باسيل الراسب في دورتين انتخابيتين والقاضم لمنصب وزاري رغم ارادة المسيحيين و الذي يشكل اختياره لقراءة بيان الاستقالة فتاتا سياسيا آخر حوّل الرابية وجنرالها من القامة الوطنية الى مبكى للندب الوطني.
استقالة وزراء المعارضة من الرابية وما تعنيه الخطوة من اطاحة بحكومة الرئيس الحريري كانت حتما ستنعش قلب الجنرال لو انها جاءت في عز الخلاف و في زحمة الشروط العونية التعجيزية السياسية والانتخابية التي اثقلت كاهل حلفائه قبل ان تزعج خصومه ولكن ليس اليوم وقد بدت الاستقالة صورة منقحة لسنة ونيف من عمر حكومة مشلولة أصلا بعناوين الوفاق الوردية , الاستقالة التي لم تضف لهذه الحكومة الا المراسيم وبروتوكولات القصر الجمهوري التي مرت مرور الكرام كما الاطلالة السياسية للرابية الباهتة والهزيلة.
اليوم ليس مناسبة لتذكير الجنرال بما مضى ولدعوته مجددا الى الاتعاظ , فات الأوان لذلك ,بل لاستشراف السلوك الساسي العوني الذي كان جبلا لم تهزه الرياح وتحول الى جبل تمخض فولد فارًا!!
عمر الفاروق النخال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق