الجمعة، 5 نوفمبر 2010

ماذا لو حضر القرار الظني في ويكيليكس ؟؟


في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار الى ما سيحمله القرار الظني من معلومات واتهامات في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, برز خبر إعلان القيمين على موقع " ويكيليكس " عزمهم كشف وثائق تتصل بالوضع اللبناني لتعزز الهواجس من ضياع التحقيق الدولي مجددًا في بازارات المعلومات الصحافية والاعلامية, في ملف كانت مجرد الاشارة الى جوانبه في صحيفتي " دير شبيغل " الالمانية و " لوفيغارو " الفرنسية كافية لانطلاق موجة مواقف مشككة بعمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان, فكيف في ويكيليكس الذي كشف قبل أسبوع عن أكثر من 400 ألف وثيقة حول العراق ووسط أجواء تعج فيها المخاوف من موجة تسووية آتية لتطيح الملف برمته؟!

الخشية بكل تأكيد ليست من ويكيليكس ولا حتى من أي مصدر آخر, بل من اللعبة الاعلامية التي أصرت عند كل منعطف من منعطفات التحقيق الدولي إحاطته بالشكوك ما اثرت عليه بشكل كبير ودعت القيمين على التحقيق للعودة في عملية الاقناع بحيادية عملها الى نقطة الصفر في كل مرة يكون فيه هذا التحقيق أمام معلومة مغلوطة أو مسربة أو مشوهة .

والمتابع للمسار الذي سلكته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إعلاميا , يكتشف أن كل تسريبة من تلك التسريبات ترافقت مع اجواء دولية ولبنانية -داخلية ضاغطة باتجاه الغاء مفاعيل المحكمة وما يمكن ان تصدره , فمن أشار الى فرضية تورط حزب الله في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الى دير شبيغل ولوفيغارو كان يستهدف انطلاق اعمال المحكمة في 1 آذار 2009 على وقع تقصير بعض الدول في تسديد حصصها المالية للمحكمة وبدء مسلسل تأجيل صدور القرار الاتهامي من شهر آخر ومن سنة الى أخرى دون اي نتيجة, والأمر نفسه ينطبق اليوم على ويكيليكس ولكن بصورة ستكون أكثر تصادمية, ذلك ان التفجير المنتظر لبنانيا نتيجة الأجواء الملبدة للقرار الظني, ينتظر من يضغط على زناده ولعل ويكيليكس سيكون هنا خير منفذ وسط انكباب كثيرين على فبركة ملفات ما يسمى بـ "الشهود الزور" والدعوات الى مقاطعة التحقيق ووصف المحكمة بالاسرائيلية.

وما يعزز المخاوف من ضياع التحقيق مجددًا, هو ان فكرة المحكمة الدولية كانت غير قابلة للنقاش وللأخذ والرد في مراحلها الأولى حيث كانت دماء الشهداء الذين سقطوا لم تجف بعد, فكيف اليوم وقد حولها البعض ورقة تلقى على طاولة الصفقات وورقة ابتزاز ولعب بالاستقرار الداخلي وفي مشاهد وضعت ملقي تلك الورقة مسبقا في قفص الاتهام, فالخشية هنا أن يستغل هذا الطرف أي تسريبة متوقعة من ويكيليس ذريعة للاجهاز على مفاعيلها لبنانيا ودق آخر مسمار في نعشها دوليا بافتعال احداث قد تدفع المجتمع الدولي طوعا لانهاء الملف أو طيه على الاقل الى أجل غير مسمّى.

والمخاوف من ضياع التحقيق أيضا وأيضا, تكمن في أن أي تسريبة متوقعة من ويكيليكس ستعقب التخبط الحاصل في دوائر المحكمة نفسها وفي بعض المواقف الغربية المتأرجحة وغير المستقرة على دعم اعمالها, فالموقف الأخير لرئيس المحكمة القاضي انطونيو كاسيزي والذي أمل فيه صدور القرار الظني مطلع الشهر المقبل استدعى توضيحا يخفف من وطأته أمام موجة ردود أفعال فورية صدرت, كما ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي لا تترك دوائر الاليزيه ولا وزير جارجيته برنار كوشنير فرصة لاطلاق المواقف الداعمة للمحكمة الدولية كان له موقفا مغايرا في الأسابيع الماضية مفاده أن فرنسا جاهزة لدعم اي موقف يتخذه اللبنانيون من المحكمة كما دعمت هذا الخيار لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري , في موقف انسجم مع موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي حمل الى ساركوزي رأي المعارضة من المحكمة وليس رأي كل اللبنانيين, والمؤسف هنا أن ساركوزي عاد وتراجع عن موقفه بموقف حمل كثيرا من الأوساط الى القول ببدء تآكل المحكمة الدولية.

بقدر ما تبدو تلك المواقف مفيدة لتحصين الاستقرار الذي لا ينفك البعض عن ربطه بما سيصدر عن المحكمة الدولية من قرار بقدر ما تأتي مضرة بمسار العدالة الذي لا يحتمل برأينا هذا التلاعب الحاصل فإما ان تقول المحكمة ما لديها وإما ان تكون شاهدة زور دون جميل من ويكيليكس الذي سيضمها حتما الى الشهود المفترضين إذا ما سرب أية معلومات جديدة.

من حق المجتمع الدولي ان يخاف على استقرارنا الداخلي, ومن حقنا نحن اللبنانيون الذين واكبنا خمس سنوات من حرق الدم والاعصاب أن نخاف على العدالة التي قد ينهيها ويكيليكس في اطار المعلومات الصحافية التي لا تعيش اصداؤها اكثر من ارتدادات هزيلة, والصورة على ذلك ماثلة في العراق الذي ينام ويستقيق على مجازر بالجملة والمفرق وكأن أكثر من 400 الف وثيقة حول تلك الجرائم شيئا لم يكن!!

عمر الفاروق النخال





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق