لكأنه شيء لم يكن , دماءٌ تراق على أرصفة بيروت ساعة الافطار, أحياء تنتهك وتستباح, مساجد تقصف بالقذائف الصاروخية وتحرق ليعود وينتهي الامر حبيا كحّله "القبضايات" بلقاء في مديرية المخابرات وعموه بـ "لقاء قمة" جمع أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية (الأحباش) الشيخ حسام قراقيرة ... والخلاصة: اشتباكات برج ابي حيدر فردية ولا خلفية سياسية أو مذهبية لها !!
للحظة يظن المراقب أن المسألة "ضربة كف" لا أكثر ولا أقل, وليس اشتباكات ميليشياوية بامتياز استخدمت فيها كل أنواع الاسلحة, الخفيفة والثقيلة بالاضافة الى أكثر من 30 قذيفة صاروخية روّعت الأهالي وأفسدت افطارهم.
إن النظر الى صورة نصر الله وقراقيرة التي وزعتها العلاقات الاعلامية في حزب الله, توحي بأنه لا ينقصها الاّ مضبطة الاتهام لأن مجرد انعقاد مثل هذا اللقاء هو إدانة لحزب الله وللأحباش بالوقوف وراء الاشتباكات الدموية التي اغتالت آخر قلاع العيش المشترك في بيروت بعد سقوطها العسكري السهل في السابع من أيار 2008, حيث لم يكلّف الأمر حزب الله آنذاك سوى اطلاق بضع رصاصات في الهواء كانت كافية لزعزعة عنوانين التعايش في برج ابي حيدر, وإذ باشتباكات الثلاثاء الاسود في 24 آب 2010 تنسف ما تبقى منها.
لقد ولّى الزمن السياسي الذي كانت فيه مثل هذه الأحداث تعالج بهذا القدر من الغباء واستغباء الناس والتعامي عن مشاعرهم, ففي لبنان "الشمس طالعة والناس قاشعة" وأي موقف أو حراك سياسي تعج في ضوئه خلفياتٌ وظروف منها المعروف ومنها غير المعروف, فكيف اذًا مجرّد اشتباك شوارعي في منطقة معروفة في تداخل سكانها واختلاطهم ؟؟ وبين قريقين انتماؤهما الطائفي والسياسي أكثر من واضح ومعروف؟؟ والأهم الأهم أن ضحايا هذه الاشتباكات الى جانب مسؤول حزب الله في المنطقة محمد فواز والشاب محمد عميرات, رمزان دينيان محسوبان على فريق واحد هما مسجد برج أبي حيدر ومسجد البسطا الفوقا؟؟!!
أيًا كانت التحليلات والقراءات السياسية التي اعقبت هذه الاشتباكات, والتي أخذت منحى اقليميا تحدث بعضها عن تصفية حسابات سورية-ايرانية والبعض الآخر عن محاولة سورية لتعويم الأحباش في الشارع السني, ومهما كثرت افطارات المصالحة والسلام والكلام والمواقف المعسولة فهذا لا يعفي الفريقين اطلاقا من الوقوف وقفة مسؤولة ومصارحة الجميع بحقيقة ما جرى, لأن الدم الذي سقط واستخدام ترسانة كاملة من السلاح لا يبرره خلاف على أفضلية المرور ولأن الخلاف السوري –الايراني مهما عظم لن تكون ساحاته برج ابي حيدر والنويري والبسطا الفوقا, ولأن " الاخوة" - كما اختار الرئيس نبيه بري وصف طرفي الاشتباك- مهما اختلفوا لا تصل الأمور بهم الى استخدام الاسلحة الرشاشة والقذائف, ولأن أهالي بيروت ليسوا لقمة سائغة تلوكها المواقف المتكاذبة!!
ما يعزز فرضية خراب لبنان بالذريعة الفردية اليوم, ليس رفض الفريقين للوقفة المسؤولة أعلاه بقدر ما هو الهجوم الشرس الذي شُن على الدعوة لجعل بيروت مدينةً منزوعة السلاح حيث نظر الى هذا العنوان على انه استهداف لسلاح المقاومة دون قيام أي اعتبار للدم الذي سقط في شوارع بيروت جراء استخدام هذا السلاح في الداخل وتفشيه على نحو يستحضر أحداث السابع من أيار في كل ساعة!
وما يعزز فرضية الخراب, الرد على عنوان بيروت منزوعة السلاح بالدعوة الى اعادة إحياء اللجان الأمنية في المناطق وفي الأحياء وفي ذلك عودة الى زمن أسود لا صوت يعلو فيه فوق صوت الميليشيات, فتهدأ بيروت عند سكوت المدفع وتشتعل في كل لحظة تنقلب هذا اللجان على وعودها أو يقرر أحد موتوريها الانقلاب وفي المحصّلة يأتي خراب لبنان فرديًا!!
***
خراب لبنان كي لا يكون فرديا, يستدعي الوعي وإدراك الجميع بأن أي اشكال ستلتهم نيران تداعياته كل الوطن اذا ما لم يحاط بالروية والعقل والاصرار على درئه, وهنا لومٌ يُلقى على أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي لم يبادر الى دعوة المسلحين لانهاء الاشتباكات في برج أبي حيدر التي ترافقت مع كلمة متلفزة ومباشرة له , لا سيما وأن الدموية التي وصلت اليها الاشتباكات كانت تستاهل من نصر الله فتوى شرعية تدعو للانسحاب من الشوارع كما كان الحال يوم اشتباكات جامعة بيروت العربية والاحتجاجات المتفرقة لجمهور حزب الله قبيل اعتصامه في وسط بيروت, حيث كانت دعوات نصر الله حازمة بعدم الاجتهاد في مسألة الشارع.
خراب لبنان كي لا يكون فرديا يستدعي كذلك عدم اطلاق الوعود الرنانة والتلاعب بأعصاب الناس, فالدعوة الى جعل بيروت مدينة منزوعة السلاح تستأهل من مطلقيها مزيدا من العلمية والملاحقة لا مجرّد المزايدة لتنفيس احتقان تزداد سماكته يوما بعد يوم!
عمر الفاروق النخال
للحظة يظن المراقب أن المسألة "ضربة كف" لا أكثر ولا أقل, وليس اشتباكات ميليشياوية بامتياز استخدمت فيها كل أنواع الاسلحة, الخفيفة والثقيلة بالاضافة الى أكثر من 30 قذيفة صاروخية روّعت الأهالي وأفسدت افطارهم.
إن النظر الى صورة نصر الله وقراقيرة التي وزعتها العلاقات الاعلامية في حزب الله, توحي بأنه لا ينقصها الاّ مضبطة الاتهام لأن مجرد انعقاد مثل هذا اللقاء هو إدانة لحزب الله وللأحباش بالوقوف وراء الاشتباكات الدموية التي اغتالت آخر قلاع العيش المشترك في بيروت بعد سقوطها العسكري السهل في السابع من أيار 2008, حيث لم يكلّف الأمر حزب الله آنذاك سوى اطلاق بضع رصاصات في الهواء كانت كافية لزعزعة عنوانين التعايش في برج ابي حيدر, وإذ باشتباكات الثلاثاء الاسود في 24 آب 2010 تنسف ما تبقى منها.
لقد ولّى الزمن السياسي الذي كانت فيه مثل هذه الأحداث تعالج بهذا القدر من الغباء واستغباء الناس والتعامي عن مشاعرهم, ففي لبنان "الشمس طالعة والناس قاشعة" وأي موقف أو حراك سياسي تعج في ضوئه خلفياتٌ وظروف منها المعروف ومنها غير المعروف, فكيف اذًا مجرّد اشتباك شوارعي في منطقة معروفة في تداخل سكانها واختلاطهم ؟؟ وبين قريقين انتماؤهما الطائفي والسياسي أكثر من واضح ومعروف؟؟ والأهم الأهم أن ضحايا هذه الاشتباكات الى جانب مسؤول حزب الله في المنطقة محمد فواز والشاب محمد عميرات, رمزان دينيان محسوبان على فريق واحد هما مسجد برج أبي حيدر ومسجد البسطا الفوقا؟؟!!
أيًا كانت التحليلات والقراءات السياسية التي اعقبت هذه الاشتباكات, والتي أخذت منحى اقليميا تحدث بعضها عن تصفية حسابات سورية-ايرانية والبعض الآخر عن محاولة سورية لتعويم الأحباش في الشارع السني, ومهما كثرت افطارات المصالحة والسلام والكلام والمواقف المعسولة فهذا لا يعفي الفريقين اطلاقا من الوقوف وقفة مسؤولة ومصارحة الجميع بحقيقة ما جرى, لأن الدم الذي سقط واستخدام ترسانة كاملة من السلاح لا يبرره خلاف على أفضلية المرور ولأن الخلاف السوري –الايراني مهما عظم لن تكون ساحاته برج ابي حيدر والنويري والبسطا الفوقا, ولأن " الاخوة" - كما اختار الرئيس نبيه بري وصف طرفي الاشتباك- مهما اختلفوا لا تصل الأمور بهم الى استخدام الاسلحة الرشاشة والقذائف, ولأن أهالي بيروت ليسوا لقمة سائغة تلوكها المواقف المتكاذبة!!
ما يعزز فرضية خراب لبنان بالذريعة الفردية اليوم, ليس رفض الفريقين للوقفة المسؤولة أعلاه بقدر ما هو الهجوم الشرس الذي شُن على الدعوة لجعل بيروت مدينةً منزوعة السلاح حيث نظر الى هذا العنوان على انه استهداف لسلاح المقاومة دون قيام أي اعتبار للدم الذي سقط في شوارع بيروت جراء استخدام هذا السلاح في الداخل وتفشيه على نحو يستحضر أحداث السابع من أيار في كل ساعة!
وما يعزز فرضية الخراب, الرد على عنوان بيروت منزوعة السلاح بالدعوة الى اعادة إحياء اللجان الأمنية في المناطق وفي الأحياء وفي ذلك عودة الى زمن أسود لا صوت يعلو فيه فوق صوت الميليشيات, فتهدأ بيروت عند سكوت المدفع وتشتعل في كل لحظة تنقلب هذا اللجان على وعودها أو يقرر أحد موتوريها الانقلاب وفي المحصّلة يأتي خراب لبنان فرديًا!!
***
خراب لبنان كي لا يكون فرديا, يستدعي الوعي وإدراك الجميع بأن أي اشكال ستلتهم نيران تداعياته كل الوطن اذا ما لم يحاط بالروية والعقل والاصرار على درئه, وهنا لومٌ يُلقى على أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي لم يبادر الى دعوة المسلحين لانهاء الاشتباكات في برج أبي حيدر التي ترافقت مع كلمة متلفزة ومباشرة له , لا سيما وأن الدموية التي وصلت اليها الاشتباكات كانت تستاهل من نصر الله فتوى شرعية تدعو للانسحاب من الشوارع كما كان الحال يوم اشتباكات جامعة بيروت العربية والاحتجاجات المتفرقة لجمهور حزب الله قبيل اعتصامه في وسط بيروت, حيث كانت دعوات نصر الله حازمة بعدم الاجتهاد في مسألة الشارع.
خراب لبنان كي لا يكون فرديا يستدعي كذلك عدم اطلاق الوعود الرنانة والتلاعب بأعصاب الناس, فالدعوة الى جعل بيروت مدينة منزوعة السلاح تستأهل من مطلقيها مزيدا من العلمية والملاحقة لا مجرّد المزايدة لتنفيس احتقان تزداد سماكته يوما بعد يوم!
عمر الفاروق النخال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق