الجمعة، 21 مايو 2010

ولــــــــدي ...

سنةٌ جديدة تمر وأنت لست معي, سنة جديدة تمر وأفتقد عطرك وحلواك ... وأفتقد قبلة الصباح.

سنة جديدة وما زلت يا ولدي أبحث في ملابسك والصور عن شيء من صوتك الذي أطال الغياب!

حاولت أن اصدق بأن اليوم عيد فما استطعت حدّقت بسنين وسنين خلت فوجدته في ذلك الطفل الذي حطّ غريدًا على غصن صبري وسهري وسهادي.

ذلك الطفل الذي أطعمت الدُنا حلوى قدومه أجمل ثمرة من كروم الخالق. ذلك الطفل الذي بكى فأبكاني وضحك فأضحكني وفتّح عيونه على انوار فرحي فتراقصت له لعب الطفولة وتمايلت خشخاشة الزمن الجميل.

وجدت العيد هناك .. في قلم رصاص.. في ورقة كتبتَ غليها يا ولدي أولى الحروف.

وجدت العيد في أساور نزعتها من روحي قبل يدي لتلتحق بركب المتألقين.

ووجدت العيد يوم اعتمرتَ يا ولدي قبعة النجاح فرفعتُ أنا دمع الأسى عن مقلتي واستبدلتها بدموع الفرح.
فصول جميلة مرت علي لكنها جفت ولم يبق لي اليوم سوى خريف العمر أتقلب مع اوراقه الصفراء على سرير الآلام وأشكو الى مقاعد العجز سنين غيابك عني وأسأل صدى وحدتي عن خبر جففه ظلم الهجر .. وعن رسالة لا تصل!

تأتي فصولٌ وترحل فصول وأنتظر قدومك مع خيوط الشمس ساعة الشروق ومع حمرة شفق وقت المغيب .. مع لطف نسمة في تشرين ومع ريح أهوج في كانون .. فما أتيت!

ولدي .. جفاؤك داء سحق قامتي وقهر ابتساماتي فغدا الدمع مسكني والصبر سبّحتي والليل الطويل .. الطويل صديق وحشتي الشريدة!

ولدي .. ظننتُ نفسي وحيدة في جلجلة ظلمك فاذ بقلوب أخر ذوبها هجر من سابقك الى درب المعاصي فقطفتم حلوها وذقنا يا ولدي هلاكها الدامس !!

ولدي .. كما الميض يعبر الدمع على أجفاني الذابلة الخاوية من أي حلم إلا قدومك والأنفاس سكاكين تسابق الساعات والدقائق والثواني في طعن الغمرة الموعودة قبل الوعد الأخير.

ولدي .. لم اعرف أن ورودك الفتية ستنقلب أكاليل شوك أدمت صباحاتي وجرحّت مساءاتي بحروف الضجر وصمت الذهول وسكون الجدران ولسعات السقف المتعالي. لم أعرف أن الأناشيد كذبة أشهرت سهام الغدر ومزقتني .. وحاكت من جلدي ودمي وأعصابي وشراييني ملحمة المأساة!

ولدي .. قل لي هل اغراك الشاعر بالجواهر والدراهم والدرر لتلقني على أرصفة النسيان؟ أم أمنت أني القلب العامر حبا وسلاما .. قلب لا يخالطه بعضٌ أو تقمة أو عتاب؟!

هل روت لك الكتب السميكة حكاية سوء عني فوضعتني في سجن الوحدة الكبير؟؟ أم حرضتكَ صروح العلم أن تظلم أن تغضب وأن تأسر العطف الطليق في قمقم السنين؟؟!!

ولدي.. قل لي هل لي هل ضاق الدار أم الصدر ضاق لترحل الى برازخ العصيان وأنا الى قوافل النسيان؟؟
أثقيلة صارت تجاعيدي عليك أم سنة الحياة يا ولدي تقيلة؟؟!

هل شيب شعري أثقلَ عيشك الفتي ؟؟ أم شيب الزمان يا ولدي ثقيل مذلّ؟!

ولدي.. شحيحًا جاء عبق الربيع هذا العيد محملاً بعواصف القهر والقلق فعد قليلا لعل الربيع يعود ويزهر لعل الظلمة تتفتّح شعاع لقياك ولعلي يا ولدي أغمرك قبل أن يغلق العمر أبوابه وقبل انهيار السواتر السوداء على خشبة أنشدتُ منها أنشودة الأحزان .. ونقشتُ أيقونة الآلام .. ونحتُّ يا ولدي تحفة المأساة.

ولدي.. عد لأفوز بعطرك قبل مشواري الأخير الى دنيا حق لن تنسني كما نسيت ولن تقسو علي كما قسيت , عد كي لا يكون رحيلي موحشا كما كان عمري, عد واسبق المشوار الأخير فان كُتب اللقاء كُتب وإن لم يكتب فعدني يا ولدي أن ترصع قبري بوفاء عتيق وأن تسقه بدعائك علّ التراب يا ولدي يرسلها قبلة على جبيني الذي أرهقه الغياب

بقلم: عمـــر الفــاروق النخـــال
_________________________________

هذا النص هو نص مشروع التخرج الذي قمت باعداده واخراجه مع الزميل محمد الشحيمي

ونهديه: الى كل قلب قسا على أحلى ما في العمر
الى كل شخص ابكى عيونا سهرت
الى كل ضمير تناسى حضنا منه ابصر النور

لعله ... لعله يتعظ واليه يعود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق