إيــران: ثــورةٌ بـــلا ثـــوار !!
الناظر الى أحوال الثورة الاسلامية الايرانية في الذكرى الواحدة والثلاثين لقيامها, ومنذ تولي محمود أحمدي نجاد للرئاسة الايرانية, مرورًا بالاشتباك السياسي والكباش النووي بين بلاده والدائرة الدولية وصولا الى الانتخابات الرئاسية الأخيرة وما تمخّض عنها من احتجاجات الاصلاحيين, يجدها مختلفة تمامًا عما كانت عيه أيام ملهم الثورة الامام الخميني حيث امتلأت ساحات وشوارع طهران آنذاك, مطالبة بتحقيق صرخات محقة نالت اعجاب وتعاطف العالم العربي برمته, ووحدت صفوفه في مواجهة المشاريع المجرمة للكيان الصهيوني, وكانت بحق نموذجًا يُحتذى به في كل محطات النضال والكفاح ضد الدولة العبرية.
أما اليوم, فتبدو اطلالة ايران مترهلة بعيون جماهيرها قبل العالم بشقيه العربي والغربي, حيث أدى تداخل المسائل الاقليمية في أصغر زواريب السياسة العربية المحلية الى جعل الثورة الايرانية ثورة فلكلورية جوفاء وبلا ثوار.
فالشعب الايراني, نشأ منذ واحد وثلاثين عاما على عناوين واهية وشعارات وعنتريات لا تغني عن جوع, في ظل سياسية ازدواجية الموقف التي تعتمدها ايران في التعاطي مع الأحداث المحيطة, حيث تلهب مشاعر جمهورها وقادتها وملحقاتها بمفاهيم المقاومة والثأر والتهديد والوعيد لتعود وتنكفىء عند وقوع أي عدوان في لبنان وفلسطين ,وما موقف السيد علي الخامنئي في عدوان عزة الأخير الا دليلا على كلامنا, حيث أفتى مع اشتداد العدوان على القطاع بعدم ذهاب المتطوعين الايرانيين لمقاتلة قوات الاحتلال وعلى الرغم من ان احدا لم يثر هذا الموقف في ظل المذبحة المفتوحة آنذاك, الا أنه كان كافيا ليشكِّل سقطة ايرانية أفرغت آخر شحن الاعتدال من نفوس العرب فأصبح الصراع العربي-الصهيوني يوازي مع الأسف الشديد صراع العرب مع ايران النووية المدججة بسلاح لم يدخل بعد ايًا من حلبات الحرب.
وبموازاة هذه الصورة المؤسفة للنظام والقيادة الايرانية فاننا لا نجد أن الجماهير مستعدة لمسائلة العمائم عن هفواتها تلك, مكتفية بترداد الشعارات التي فقدت مشروعيتها وأرضيتها في ظل التسلل الايراني الى العالم العربي على شكل حرب عصابات, واعتمادها سياسة الثقوب في اليمن عبر جماعة الحوثيين عوضا عن تركيز جهودها ضد اسرائيل وفرض نفسها بما تمتلكه من قوة عسكرية ونووية والوقوف وقفة جادة وحازمة ازاء التهديدات الصهيونية في غير مكان وتوقفها عن التسويف في كل مرة تكون فيه الضحية فلسطين أو غيرها من الأراضي العربية الغالية.
وما يفقد ايران بريقها اليوم واكثر من اي وقت مضى, هو تمسك نظامها بالشمولية المطلقة وعدم اجتهاده في بلورة أفكار جديدة للتخفيف من حدتها, بل وسعيه ايضا الى حماية هذه الشمولية من خلال الكذب وخداع الراي العام العالمي خاصة وأن الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها طهران سببها الأول والأخبر كذبة النظام وتزويره لنتائج الانتخابات الرئاسية. ونعتقد في هذا الصدد أن ايران كان بمقدورها الحد من اتساع رقعة الاحتجاجات لو انها عاملت المحتجين بروح الحوار عوضا عن اذعانها لميليشيات الباسيج بقمع المحتجين بكل الوسائل المتاحة, ولو أن ايران لجأت الى تخفيف كذبتها بتخفيض النسبة المئوية "الهائلة" التي كرست بموجبها محمود أحمدي نجاد رئيسا للبلاد في حزيران 2009.
ونتوقف عند كذبة النظام الايراني, لأنها اضحت مادة تصدير بعدما كانت ايران مرادفا لتصدير الثورة فالكذبة اياها صدّرها النظام الايراني مؤخرا الى لبنان عبر حزب الله, في الفترة التي سبقت الانتخابات النيابية الأخيرة من خلال ايهام الناخبين مسبقا بأن قوى المعارضة ستحقق فوزًا كاسحا لتأتي النتجية مغايرة تماما, وليكتب فصل آخر من فصول الخداع الايراني لحلفائها قبل خصومها !
ايران اذا وبعد واحد وثلاثين عاما من الثورة, تبدو امام تحديات داخل مشتعل وخارج كثر فيه الأعداء, واشتدت مناخات ما تبقى من الحلفاء ضبابية وأمام هذين الخيارين المرّين لم يعد مطلوبا من ايران ابهار العالم بقدراتها العسكرية والنووية, بقدر ما بات المطلوب أن تبرر شعاراتها الصدئة بمصارحة العالم والاجابة عن سؤال المرحلة: ايران اليوم ثورة على من ؟؟!!
عـمر الـفاروق النخـال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق