॥ وفي صبيحة اليوم المئة على غيابك المر عدت أكتب، عدت الى القلم الذي هجرته منذ سافرت الى دنيا الحق مكتفيا منذ فجر الرابع من تموز بما تمليه عليّ الجراح من مشاعر وخواطر وكلمات تروي فجع رحيلك।
عدت أكتب وعدت الى الطاولة التي عدت فيها يا طه جاري الحبيب الطيب المطل هذه المرة من صورة تخرجنا الجميلة التي تحبها والتي احب وليس من شباك الطفولة القرميدي، عدت هذه المرة أنيس الوحشة الحزينة الخرساء تطل علي وعلى حزني وكتبي واقلامي ودفاتري وكتاباتي التي احتلها الحزن ودخلها اسمك يا رفيق العمر من ابواب الفراق دون استئذان।
في هذه الصبيحة اقول لك كما كل يوم صباح الخير، واقطع أمام صورتك وروحك العبقة وعدا بان لا أكتب حرفا بعد اليوم الا وأنا مؤمن بقضاء الله وقدره، لكن ايماني هذا لا يمنع أبدا من مصارحتك بكل الأفكار التي راودتني منذ فاضت روحك الى باريها، فأنا الذي فزت بفرصة لقائك على فراش المرض قبل رحيلك ما تصورت ابدا ان الساعات المقبلة ستكون ساعات الفراق، ما تصورت ابدا ان هذا الجسد المحاط بآلات الانعاش والنباريج هو انت، ما تخيلت ان تلك العيون الذابلة هي عيون طه المشرقة الباسمة للحياة بحلوها ومرها، أما خبر الرحيل فهو ما لا أصدقه حتى اليوم وهو ما تختلط فيه صور مغايرة صور اراك فيها نجوت ॥ اراك فيها معنا।
ما تخيلت ان الصورة الأخيرة لك في وجداني، هي تلك التي مررت فيها اناملي المرتجفة على جبينك الفاتر وعلى حاجبيك قبل ان يغلقوا ابواب العناية الفائقة ويغلق باب عمرك على 25 ربيعا، ما تخليت ان ما بعد هذه الصورة سيكون قاسيا الى هذا الحد لهذا اترك لمخيلتي أحيانا التلهي بصور ومواقف يا ليتها حصلت لتبقى معنا।
شاء القدر ان تكون ظروف رحيلك بهذه السوداوية، لكن في قلبي المشتاق وفي عيوني الشاحبة مكان لصور أخرى أجد فيها خبر رحيلك خبرا عن تعافيك وتخطيك للخطر، أجد فيها صور توافدنا الى منزلك مكسورين ساعة تشييعك صورة لزيارتنا اليك وقد انتقلت من فراش العناية الى فراش النقاهة والشفاء وقد نفضت اثقال المرض عن عينيك وعاد صوتك يسأل عن الشدة التي ألمت بك والسنتنا تروي وتسرد ما سببته لنا من قلق وخوف، أجد فيها صور حزننا متحلقين حول صورك صورنا ونحن الى جانبك في غرفتك تشتكي لنا من ملل المكوث في الفراش وتبدي رغبتك بالخروج قليلا।
هذه هي الصور التي اعزي بها نفسي المذبوحة يا طه منذ 100 يوم، بها اقنع دمعتي الحارقة وغصتي في كل يوم أمر من امام منزلك حيث ارى طيفك ينتظر على تلك الدرجات ،هذه هي الصور التي أسخر فيها من جبني على الادراك بأن مرّ مئة يوم .. بلا طه!!
عمر الفاروق النخال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق