الخميس، 15 أكتوبر 2009

سلام ... في زمن اللاسلام !!


سدًى ذهبت توقعات وأحلام ملايين العرب ممن آمنوا وصدّقوا أن تولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة الأميركية سينعكس انفراجا على الوضع العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
فالمواطن العربي الذي ابدى قبل عام تقريبا حماسة وتعاطفا كبيرا تجاه أوباما في خضّم معركته ضد المرشح الجمهوري جون ماكين, يرى نفسه اليوم أسير وعود قد لا يكتب لها التحقق وسط مآزق الادارة الأميركية الآخذة بالتمدد, ووابل التراكمات السياسية والأمنية والدموية التي خلّفها الرئيس الأميركي الاسبق جورج بوش.
بالأمس, هلّل السواد الأعظم من الشعب العربي للصحافي العراقي منتظر الزيدي وهو يصفع بوش بفردتي حذائه معتبرين أن الحدث هو النهاية المننشودة للطاغوت الذي تحكم بقضايا العالم العربي وعربد في تفاصيلها, لكنهم لم يدركوا أن الحذاء-الحدث سيعود ويصبح الرافعة الأساسية للسلوك الأميركي المتدهور, بحيث تبدّلت الأسماء والوجوه فقط وبقي الموقف الأميركي على حاله من الغطرسة يدعم الموقف الاسرائيلي ويسهر على أمنه ويشيح بنظره عن معاناة وشقاء الشعبين العراقي والفلسطيني, وما الاجراءات الظالمة للاحتلال الاسرائيلي في القدس وحصارها للمسجد الأقصى الاّ دليلا دامغا اليوم على أن لا ترياق سيطل على العرب قريبا من حديقة البيت الأبيض!
اذا, يعيش العرب اليوم زمن اللاسلام وفي المقلب الآخر ينال الرئيس الأميركي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام في ازدواجية وقحة بكّرت في تبرأته والادارة الأميركية من المذابح المفتوحة في العراق وفلسطين, وبكّرت في نكأ الجراح التي لم تندمل أصلا ولن تندمل خصوصًا وأن المسوّغ الذي نال أوباما على اساسه الجائزة لا بدّ وأن يفتح شهية الادارة الأميركية على مزيد من القتل والجرائم وابتكار سياسات القهر والتجويع والاستبداد, فأوباما الذي نال الجائزة لأنه منح العالم " املاً في مستقبل افضل " ادارته قادرة وباللمسات الدموية كالعادة على جعل الأمل كابوسًا والمستقبل الأفضل شلال دمع ودم!
السلام في زمن اللاسلام ,هو اليوم بمثابة دفعة زهيدة تسددها الادارة الأميركية على الحساب الدموي الجاري بينها وبين العرب بهدف تلميع صورة العهد الجديد والتخلص من الرواسب البوشية الثقيلة, التي لن تنجح جائزة نوبل للسلام في محوها من ذاكرتنا ووجداننا كما لم تنجح سابقًا في محو الحقد والاجرام الاسرائيلي عندما أعطيت لـ شيمون بيريز, قاتل أطفال قانا!
السلام في زمن اللاسلام, هو تغطية الجريمة بجريمة فدعوة أوباما الى خفض المخزون العالمي للأسلحة النووية ونيله الجائزة على أساس تلك الدعوة المتذاكية, لا يلغي اطلاقا احراق ادارته لغزّة بنسائها ورجالها وشيوخها وأطفالها بالفسفور الابيض!
السلام في زمن اللاسلام, بدعة مثالية كان يمكن للادارة الأميركية اخراجها عند كل الحماقات التي ارتكبتها بحق العرب ولكن ليس الآن, فعندما يتعلق الأمر بالعشرات والمئات من يذهبون كل يوم ضحية الاقتتال الطائفي والعبوات القاتلة في العراق, وضحية الانقسام المصطنع والرصاص الغادر في فلسطين لا بد من الانكباب على اخراج عنوان يتلاءم مع الصورة المفجعة أعلاه ... أقله عنوان: بقية سلام في زمن الجريمة !!

عمر الفاروق النخال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق